كانت للمقهى قديما في مجتمع الكويت ما قبل النفط معنى اجتماعي واقتصادي. حيث كانت يتجمع رجال الكويت في أوقات الفراغ في تلك المقاهي يتناولون فيها الحديث عن الشؤون السياسية والاقتصادية وكانت تقام فيها ايضا بعض الصفقات والمبادلات التجارية. وكان رواد المقاهي يقضون فيها وقت ممتعا مع اصدقائهم يتواصلون فيها حياتهم الاجتماعية. وتعتبر المقهى سابقا مصدرا اقتصادية مهما حيث كان يدر على صاحبها بمصدر دخل كبير حيث تعتبر المقهى من اهم الأماكن الذي يتجمع فيها أهل الى جانب الديوانية التي عادة ما تشتهر جلساتها في المساء.
تقع قهوة " بو تقي" او كما تعرف ايضا "قهوة سيف جولان" على ساحل البحر في منطقة القبلة، وقد تأسست على يد الحاج رضا أشكناني عام 1903 القرب من قصر السيف العامر، وخاصة مقابل جمرك الكويت القديم بالعاصمة. وتعتبر اقدم قهوة بتلك المنطقة الممتدة من فريج الغنيم الى فريج سعود وشرقا البهيته ومسجد الخليفة فلا يوجد مقاه غير مقهى الحاج رضا الا انه بعد سنوات قام أبو جعفر ما تقي بتأسيس مقهى في فريج الغنيم وبعد سنوات قام ملا عباس البلوشي بافتتاح مقهى ثالث في المنطقة.
وكان مقهى "بوتقي" مجاورا لساحل البحر وكان الماء يضرب بجدار القهوة، كان بعض اصحاب السفن يربطون سفنهم بجدار القهوة. وكان من رواد القهوة البحارة والمتسوقون على السيف لشراء ما يلزمهم من خضار للبيوت واصحاب الأغنام والأبقار لشراء الجولان وهو نبات يزرع على ساحل شط العرب يقدم علفا للحيوانات وكذلك شراء الجت (البرسيم). وكان المسافرين عن طريق البحر يدخلون القهوة وكانوا يطلقون عليه قهوة (الجولان) وكذلك (جيخانه) وهي كلمة تركية تعني دار الشاي.
وقد اشترى في البداية صاحب المقهى الحاج رضا عدد 2 من الجمل العربي حيث كان ينقل عليهما الماء من آبار الشامية بدلا من استيرادها من شط العرب. وكان الحاج رضا يشتري الحليب من البيوت الخاصة للقهوة ويبيعه على الزبائن حيث كان يشتري مستلزمات المقهى بعد صلاة الفجر مباشرة ، وكانت القهوة تقدم فيها الشاي والحليب والقدو وكان ابناءه يشتغلون معه. حيث كان يقوم الحاج رضا بتحضير الشاي والحليب ويقوم ابناءه الأربعه بتقديمه للزبائن في استكانه مميزة عرف بأم نقيطة. ويستذكر الحاج غلوم رضا ان سعر القدو كانت يقيمة (بيزتين) في حالة اذا كان التتن من الزبون اما اذا كان من المحل فيزيد السعر. وكان رواد القهوة يستخدمون التتن الاصفر لأنه حار ويستورد من ايران على شكل ربطات (حزم).
وكان للقهوة كراسي خشبية طويلة تعرف باسم (تخت) ممتدة على مساحة المقهى البالغ 15 مترا مربعا، اما سقف المقهى كان عبارة عن عريش. وكانت المقهى مفتوحة 24ساعة ويتناوب على العمل فيها الحاج رضا وابنه الاكبر الحاج عباس .
وقد اتخذ الشيخ مبارك الكبير الحاج رضا من حكم موقعه على ساحل البحر مسؤولا عن جمع الضرائب من اصحاب السفن وهي عبارة عن بضائع بنسبة 10% تتضمن اعلاف وخضار كانت تستورد الى الكويت.
واستمرت القهوة في عملها حتى اواخر الثلاثينيات حيث تقاسم ابناء الحاج رضا القهوة وقام كل من الابن الأكبر عباس وتقي وعبدالحسين في تأسيس قهوة في ساحة الصفاة وانفرد الابن غلوم في العمل مع ناصر العبدالجليل في تجارة تصدير واستيراد قطع غيارالسيارات. وبعدها قام الحاج عباس بافتتاح قهوة خاصة به عرفت باسم قهوة الصفاة وكانت تقع في عمارة السيد حمد الحميضي وكان يشاركه في هذه القهوة ابن عمته زمان (ويعرف باسم زمون)، لذلك كان اسم الشهرة لتلك القهوة هو "قهوة عباس وزمون". وكان يباع فيها الباجلة والشاي وتقديم القدو والنامليت.
منزل الحاج رضا تقي أشكناني في فريج سعود بمنطقة القبلة من سنة 1902-1950 (حاليا بنك الكويت المركزي) .
مقهى "بوتقي" التي تأسست سنة 1903 والواقعة الفرضة (الجمرك البحري) وعرفت ايضا بمقهى سيف جولان .الصورة التقطت في الخمسينيات من القرن الماضي
----------------------------------------------المصدر:
يتمثل تاريخ الشعوب في تاريخ عاداتها و تقاليدها و في معتقداتها التي تتوارثها عبر الأجيال و أيضا في سلوك أفرادها. و هذا التاريخ يشكل الإطارالثقافي و الإجتماعي للمجتمع مما يكسبه مكانه في هذا العالم. لذا يعتمد تاريخ الدولة على خبراتها السابقة مما يكسبها نظره ثاقبة للمستقبل تساعدها على بناء دولة قادرة على مواجهة التحديات من خلال الفهم العميق للتاريخ والثقافة و المجتمع. ومن هنا يحرص هذا الموقع المتواضع على عرض تاريخ الكويت و تراثها من خلال الثقافة المادية التي تتضمن تلك القطع و المقتنيات التي أمتلكها في متحفي الخاص و الثقافة اللامادية بتوفير المصادر و المراجع للجيل الحالي و المختصين.